علم التحقيق: شروطه و مراحله
غيث :: مقررات :: أدب و فنونه
صفحة 1 من اصل 1
علم التحقيق: شروطه و مراحله
علم التحقيق: شروطه و مراحله
-I مفهوم التحقيق لغة و اصطلاحا:
من نافلة القول أن تحقيق النصوص و المخطوطات أمانة جينية و علمية و أخلاقية تقتضي من المحقق الحرص التام على نقل هده الوثائق كما هي دون التلاعب بها، فمهمته تكمن في اثبات ما قاله المصنف خطأ :ان أم صواب، و أن لا ينصب نفسه حاكما على هذه النصوص فيعمل على تصحيحها أو تبديلها.
وكلمة التحقيق تدور في اللغة حول: " إحكام الشئ و صحته و التقين و التثبت ففي مقاييس اللغة : يقال "ثوب محقق إذا كان محكم النسج"، قال الشاعر:
تسربل جلد و حط بيك انا *** انا كفيناك لمحققه الرقاقا
و في لسان العرب: حقه يحق و أحقه، كلاهما أثبته، و صار عنده حقا لا شك فيه، و حق الأمر يحقه حقا و أحقه. كان منه على يقين، نقول حققت الأمر و أحققته إذا كنت على يقين منه.
أما المدلول الاصطلاحي للتحقيق فهو: " اخراخ الكتاب على أسس صحيحة محكمة من التحقيق العلمي في عنوانه، واسم مؤلفه، و نسبته اليه، وتحريره من التصنيف و التحريف، و الخطأ و النقص، و الزيادة ". أو إخراجه بصورة مطابقة لأصل المؤلف أو الأصل الصحيح الموثوق إذا فقدت نسخة المؤلف.
الغاية من التحقيق هو أن يؤدي الكتاب أداء صادقا كما وضعه مؤلفه كما و كيفا بقدر الامكان، فليس معنى تحقيق الكتاب أن نلتمس للأسلوب النازل أسلوبا أعلى منه، أو يحل كلمة صحيحة محل أخرى بدعوى أن أولاهما أولى بمكانها، أو أجمل، أو أوفق، أو ينسب صاحب الكتاب نصا من النصوص الى قائل وهو مخطئ في هذه النسبة، فيبدل المحقق ذلك الخطأ ويحل محله الصواب، أو أن يخطئ في عبارة خطأ نحويا دقيقا فيصبح خطأه في ذلك، أو أن يوجز عباراته ايجازا مخلا فيبسط المحقق عباراته بما يدفع الاخلال، أو أن يحظى المؤلف في ذكر علم من الأعلام، فيأتي به المحقق على صوابه...
ليس تحقيق المتن تحسينا، أو تصحيحا، وانما هو أمانة الأداء التي تقتضيها أمانة التاريخ، فإن متنى الكتاب حكم على المؤلف و حكم على عصره و بيئته، و هي اعتبارات تاريخية لها حرمتها كما أن ذلك الضرب من التطرف على حق المؤلف الذي له وحده حق التبديل و التغيير.
فالتحقيق -إذن- أمر جليل يحتاج من الجهد و العناية إلى أكثر ما يحتاج إليه التأليف، فالغاية المنشودة من التحقيق هي تحري الدقة و الموضوعية في اخراج الكتاب أو المخطوط.
حتى لقد قال الجاحظ - قديما: " و لربما أراد صاحب الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ و شريف المعاني، أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام.
II - شروط التحقيق:
أ- الصفات التي يجب توافرها في المحقق:
إن الشخص الذي يريد أن يطلع بهذه المهمة الجليلة - وهي تحقيق المخطوطات - ينبغي أن تتوافر فيه جملة من الصفات التي تسعفه في تحقيق المخطوطات بدقة، و من فقدها أو فقد بعضها قصرت عنه هذه الملكة و عسرت عليه رموز المخطوطات و سبل نشرها و هذه الصفات هي :
• الخبرة و التمرس بتحقيق المخطوطات، و الدراسة الواسعة لأصول تحقيقها و معرفة أصولها، و ما كتبت به من خطوط متنوعة، مشرقية، و فارسية و مغربية... و يرفق ذلك المتمرس بنهج النساخ و مصطلحات القدماء في الكتابة، مثل علامات تضبيب، و اللحق، و الإحالة. ولابد من معرفة اصطلاحات القدامى " قدماء في الضبط في الشكل و علامات إهمال الحروف غير المعجمية، أو ما يسمى بالتعقبية.
• الأمانة في أداء النص : صحيحة دون زيادة أو نقصان، فالمحقق بمثابة راوية للكتاب الذي يرويه بطريقة الوجادة.
• عدم التصرف في المخطوطات و ضرورة الحفاظ على عباراتها و أساليبها و يتعين عليه التجرد من الأهواء الشخصية المذهبية أو العبث لإخراجها على أي شكل و صورة رغبة في الاستنكار و تحقيق المكاسب المادية أو بالسطو على جهود الآخرين.
• الإحساس بقيمة التراث العلمي و الفكري إحساس ينبع من الإيمان العميق بدوره الفعال في بناء حضارة الأمة عن طريق إحياء تراثها.
• الحب و التعلق بتراث المخطوط، و معايشة و توثيق الصلة على نطاق واسع قراءة و دراسة، و خبرة و دراية بأسراره و دقائقه و خصائصه، و أساليب تدوينه، و مناهج كتابته.
• التذرع بالصبر و الأناة: لأن المحقق غالبا ما تواجهه مشكلات و صعوبات قد تتطلب وقفات طويلة و متأنية للوصول إلى علاجها الصحيح من علم و يقين، و بعد طول بحث و تقسي بعيدا عن النظرة العجلى التي تأخذ بأقرب ما يتبادر إلى الذهن دون أعمال الفكر و تدقيق النظر و تقليب الأمر على جميع وجوهه المحتملة بغية الوصول إلى وجه الصواب.
• على أن يكون المحقق على علم و دراية بموضوع الكتابة فذلك أدعى إلى أن يكون العمل أكثر إتقان و دقة مما لو تصدى له شخص أخر له جهة علمية أخرى و مهما يكن العلم الذي يحقق فيه فان على المحقق إتقان اللغة العربية، نحوا و لغة، لأن الإلمام الواسع باللغة العربية و أساليبها و مفرداتها يسهم إسهاما وافرا في تدليل الكثير من الصعاب التي قد تواجه المحقق في أساليب المخطوطة، و لغتها، حيث يجد من الحصيلة اللغوية ما يمكنه من تدقيق النظر، و الوصول إلى الوجه الصحيح.
• سعة الاطلاع كتب التراث، و مصادره في مختلف جوانب البحث و المعرفة، و معرفة مناهج مؤلفه، و توجهاته العلمية و طرق البحث في مصنفاته حول شتى العلوم مما يساعد المحقق على تحرير و توثيق نصوص الكتاب الذي يعمل على تحقيقه.
• التواضع: و استعداده للحوار الهادف و النقاش البناء و البعد عن تمسك بالرأي الواحد الشخصي.
• أن يكون على دراية كافية بالبيبليوغرافيات العربية و فهارس الكتب و قوائمها.
• أن يكون عارفا بقواعد تحقيق المخطوط و أصول نشر الكتاب.
ب- نسخ المخطوط:
إن المقاييس و المعايير التي ينبغي على المحقق مراعاتها عند عملية النسخ كثيرة و يمكن إيراد بعضها على النحو الأتي:
1- لدى نسخ المخطوط فانه يحب على المحقق اعتماد النسخة الأم أو الأصل التي ستكون باقي النسخ فرعا عنها. لأن ما يسمى " الإبراز الأخيرة " هي التي يجب أن تعتمد.
2- على المحقق أن يعطي رمزا لكل نسخة، ثم اعتماد الإشارة إليها في الحاشية عند اللزوم.
3- القيام بالمقابلة بين ما تم نسخه من قبل المحقق و النسخة الأصل، توكيدا لصحة المنسوخ.
4- ضرورة إثبات هامش المنسوخ بيد المحقق و إبراز الفروق بين النسخ المعتمدة في التحقيق.
5- اتهام الفهم قبل النص: فان المحقق قد يصادف عند المقارنة عبارة غامضة في نسخة من النسخ فيجدها في الأخرى واضحة مألوفة فيخيل إليه أنها الصواب ، و لهذا يتوجب عليه عدم التسرع و الانسياق مع الواضح المألوف بل عليه أن يتهم فهمه بالقصور و العجز قبل أن يتهم النص بالتحريف، و لا يقدم على التغيير إلا لدليل قوي و برهان ساطع.
6- التلفيق بين النسخ: فقد يحدث أن تأتي في النسخ فروق عديدة، صغرت أم كبرت، فان للمحققين طريقتين في إثبات النص في المتن:
أ - طريقة المحدثين: تقتضي بجعل نسخة يسير عليها المتن بالأصل.
ت- طريقة النص المختار: بأن يجمع في المتن من النسخ كلها ما يعتقد أنه صحيح. و الطريقة الأولى أكثر أمانا فليس اجتهاد المحقق على صواب دائما، بل عليه اتهام فهمه قبل النص.
7- إصلاح غلط المؤلف: لابد لأي مؤلف أن يخالط عمله وهم أو سهو، و لاسيما في الأعمال الكبيرة بسبب ضخامة الكتاب و السرعة في تأليفه، و من واجب المحقق التنبه إلى أغلاط المؤلف و التنبيه إليها. و لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بإلحاح في هذا المضمار هو: هل يجوز للمحقق تغيير النص المغلوط أو لا؟ و هذه مسألة خلافية قديمة و خلاصة رأي القاضي عياض رحمه الله تعالى في هذا الموضوع هو تصحيح الرواية الشفهية و ترك ما وقع في الأصل على ما هو عليه، مع التنضيب عليه، و بيان الصواب خارجا في الحاشية فان دلك أجمع للمصلحة و أنفى للمفسدة ثم يجب التفريق بين إصلاح الخطأ ما بين اختيار المؤلف و سهوه فقد يكون إثبات الرواية بخطئها من اختيار المؤلف وهو المنهج الذي تهجه جمهرة المحدثين. ثم يجب التفريق أيضا ما بين كون المؤلف أنشأ النص من ذات نفسه أو روي له عن غيره، فإذا كان النص المحقق شعرا يخط الشاعر نفسه، أو نصرا فنيا من صنع الكاتب نفسه ففي هذه الحالة يجب إثبات غلط الشاعر أو الأديب كما هو، ولو كان سهوا منه أو لحنا، أو وهما لأن الأمانة العلمية تقتضي إبراز الآثار الفنية كما خرجت من أيدي صانعها بأفكارها و ألفاظها و رسمها. فالنقاد و الدارسون بحاجة إلى الاطلاع على الخطأ و الصواب معا في تلك الأعمال، و نجد في بعض الأحيان نظائر للنص المغلوط الذي يعالجه المؤلف وردت على الصواب في الكتاب نفسه أو خارجه فان التغيير يعد في هذه الحالة أمرا ميسورا و هو أدعى إلى اطمئنان المحقق و ثقته بتصحيحه ، و يلحق في الحكم بالإصلاح كل أنواع السهو الظاهر من المؤلف كإسقاط حرف أو كلمة أو جملة أحيانا و العكس من ذلك كتكرار حرف جر مثلا أو إعادة كلمة أو جملة. فهذا كله مما يجب تقويمه بحذف المكرر أو بزيادة الناقص ووضعه ما بين حاصرتين لتمييزه و كذلك إصلاح اللحن الفاحش مع التنبيه في الحاشية إلى ما كان في الأصل.
8- التعامل مع المخطوطات الخالية من النقط: و إزاء هذه الظاهرة يحتاج المحقق إلى وعي تام و دقة متناهية في النسخة التي ترد على هذا النحو ولاسيما إذا كانت وحيدة، و هنا لابد من تنقيط الألفاظ و الكلمات على الوجه الصحيح اعتمادا على وجه علمي بالرجوع إلى المصادر التي نقل منها المؤلف أو نقلت عنه أو المصادر التي تدور حول موضوع الكتاب، و توضح النقطة اللازمة على ما يتناسب مع مراد المؤلف و النطق و الرسم السليم للكلمة و إذا كان هناك نسخ أخرى منطوقة بالكتاب فلابد من الاستعانة بها بعد دراستها و اختيار الموثوق منها و التأكد من سلامة و صحة نطقها.
و من هذا المنطلق فان معالم مناهج المحقق تكمن في التدقيق و في الرسم الإملائي للمخطوط، و الانتباه إلى حذف الألفات وسط الكلمة، و حذف الهمزة، و تكميل الاختصارات و الرموز التي تجدها في النسخ، و يرجعها إلى أصلها، ثم وضع العناوين إذا كان المخطوط خاليا منها، و كذا تبيان فروق النسخ إلى غير ذلك من العناصر الأساسية و الجوهرية التي تمنح الدقة لمنهج المحقق.
III- مراحل تحقيق المخطوطات:
أ- يمر تحقيق المخطوطات بثلاث مراحل أساسية يمكن أن نجمل عناصرها على النحو التالي:
1- المرحلة الأولى: المرحلة النظرية و تقوم على تجميع نسخ المخطوط و المقارنة بينها و تحديد منازل النسخ.
للوصول إلى معرفة النسخ المتباينة للكتاب الواحد حري بالمحقق الرجوع إلى فهارس المكتبات و الأعمال البيبليوغرافيا التي تحصي التراث المخطوط، و تحدد أماكنه في مكتبات العالم مثل كتابي: تاريخ الأدب العربي "لكارل روكلمان"، و تاريخ التراث العربي: " لفؤاد سيزكيم". و الكتابات يسجلان المخطوطات العربية الموجودة في مكتبات العالم تحت أسماء مؤلفيها، فكا مؤلف تذكر مألفاته التي وصلتنا، و كل كتاب منها يذكر النسخة و كذا المكتبات التي توجد بها.
" وليس معنى ذلك أن يعمل (المحقق) على جمع ما يوجد من نسخ مخطوطة إذ كانت نسخها كثيرة، مثل بعض الكتب المشهورة التي قد تصل مخطوطات بعضها إلى أكثر من 100نسخة، و في مثل هذه الحالة على المحقق أن يجتهد قدر الطاقة في الاطلاع على هذه النسخ و جمع المعلومات عنها من خلال الاطلاع الميداني و المصادر و الفهارس التي تتحدث عنها و تصفها، لكي يتسنى له اختيار النسخ الموثقة و المعتمدة منها، و يكتفي في الغالب بثلاث إلى خمس نسخ بالصيغة المذكورة، و إذا لم يجد الباحث بعد التحري و التقصي الدقيق سوى نسخة وحيدة جيدة و صحيحة و كاملة موثقة فلا ضير في العمل على تحقيقها، غير أنها تحتاج منه إلى جهد كبير و دراية واسعة و يقظة ووعي في التقويم و التصحيح. سواء في أقدارها، ففيها الكامل و الناقص، و فيها القديم و المتأخر، و فيها الواضح و الغامض، و فيها الموثق بسماعاته و انجازاته و مقابلاته، و غير الموثق. و إذا كانت أفضل النسخ هي أقدمها و أكملها و أوثقها، فان المواصفات قلما تجتمع في نسخة واحدة، فقد تكون النسخة الأقدم ناقصة متعذرة القراءات أو غير موثقة، و قد تكون النسخة الكاملة هي الأحدث، و قد توجد نسخ أخرى غير مؤرخة يصعب وضعها في مكانها الزمني بين النسخ الأخرى. و عليه فان النسخ الكاملة أفضل من النسخ الناقصة. و النسخ الواضحة أحسن من غير الواضحة، و النسخ القديمة أفضل من الحديثة. و كذا النسخ التي قوبلت بغيرها أحسن من التي لم تقابل. على أن تحديد منازل النسخ يتمخض عنه اختيار النسخة التي تتخذ أصلا للتحقيق و تقابل بالنسخ الأخرى، و يمكن الاستغناء عن النسخ المتشابهة و الاكتفاء بالأصل الذي أخذت عنه و ذلك حسب المستشرق الألماني " برجش طراسر ".
2- المرحلة الثانية: وهي المرحلة العملية و تقوم على التثبت من مؤلف الكتاب و عنوانه، أما عنوان الكتاب و اسم المؤلف فغالبا ما يذكران في المقدمة، و في حالة فقد أجزاء من المقدمة أو طمس إحدى هاتين المعلومتين، أو جزء من أيهما كأن نعثر على عنوان الكتاب ولا نعثر على اسم المؤلف، أو نعثر على اسم المؤلف و اسم الكتاب ناقصين، في مثل هذه الحالات يلزم الرجوع إلى الكتب البيبليوغرافيا التي تحصى أسماء المؤلفين. أما إذا فقدت المقدمة و فقد معها اسم الكتاب و اسم مؤلف فلا سبيل إلى التعرف على شخصيته إلا من خلال قراءة النص و تحديد موضوعه، و التمرس بأساليب المؤلفين و خصائصهم، و الرجوع إلى الكتب الموسوعية أو كتب التخصص التي قد تكون نقلت نصوصا عن هذا الكتاب و سمته أو ذكرت مؤلفه. و تلك كلها أمور تحتاج إلى خبرة واسعة بالتراث العربي و بإحاطة شاملة بخصائص المؤلفين، فإذا تم الاطمئنان إلى عنوان الكتاب و اسم مؤلف، ثم الانتقال إلى النص نفسه فان كانت نسخة المؤلف هي التي ننشرها فلا مشكل لأنها تغني عن كل النسخ الأخرى، أما إذا كنا أما مجموعة من النسخ فيجب أن نرمز لكل منها برمز معين، و أن تتخذ أقدمها و أوثقها و أصحها أساس للنشر، و يقابلها بالنسخ الأخرى و نثبت الخلافات بين النسخ في الحواشي.
و من المبادئ الأساسية التي ينبغي الالتفات إليها عند تحقيق النص نذكر أنه:
• ليس من مهمة المحقق تقويم النص أو تصحيح المعلومات الواردة به.
• ليس من مهمته استكمال النقص الموجود في النص إلا إذا كان النص لا يستقيم دون إضافة، و في هذه الحالة يجب أن توضع الإضافة بين معقوفتين.
• أن تتخذ الهوامش( هوامش الصفحات ) في إثبات الخلاف بين النسخ / وتخريج النصوص أي ردها إلى مصادرها. فان كانت أية قرآنية ذكرت السورة التي وردت بها و رقمها فيها، و إن كان حديثا ذكر المصدر الذي ورد به، و إن كان نصا من كتاب رجع إليه في مصدره للتثبت منه و أثبت المصدر و الصفحة التي نقل عنها، أما إذا ورد في الكتاب المحقق شعرا، أو كان الكتاب في الشعر فانه يتطلب من المحقق أن يخرج الأشعار و يعزوها إلى مصادرها المعتمدة فإذا كان لواحد من الشعراء الذين وصلت إلينا دواوينه اكتفينا بالعزو إلى ديوانه ولا ضرورة للاستئثار من المصادر في مثل ه الحالة إلا إذا اقتضى الأمر ذلك. و على المحقق الوصول إلى قائله إذا لم يكن مذكورا في الأصل و قد يتزيد بعض المحققين بسرد القصيدة، أو تكملة الأبيات التي قد يكتفي منها المؤلف ببيت أو أكثر
• ضرورة التنبيه على الأخطاء العلمية الواردة في النص. أما الأخطاء الإملائية و اللغوية فتصوب في موضعها ما لم تكن النسخ التي ننشرها هي أصل المؤلف. ففي هذه الحالة نبقي الرسم الإملائي كما هو، و الأخطاء النحوية و اللغوية كما هي لأنها جزء من تكوين المؤلف و دليل على ثقافته، مع ذلك ينبغي التنبيه إلى الصواب في الحاشية.
• ربط أجزاء الكتاب بعضها ببعض، بالشارة إلى ما سلف أو ما سيأتي من الكتاب مما له علاقة بموضوع الحديث.
3- المرحلة الثالثة: مرحلة الإخراج و النشر: و هي الصورة الأخيرة للكتاب المحقق و تشمل على ما يلي:
أ- مقدمة التحقيق: و هي أخر ما يحرره المحقق حيث يتناول فيها تقديم دراسة موجزة للكتاب و توثيق نسبته إلى المؤلف و التأكد من صحة العنوان ووصف المخطوطات و قيمة كل منها مشفوعة بالرمز الذي يصطلح كل منها، و الترجمة للمؤلف و التعريف بمؤلفاته و أخيرا منهج التحقيق المتبع. ولابد أن يشفع ذلك بصور لأوائل و أواخر أوراق المخطوطات المعتمدة توثيقها بعمل المحقق ولا سيما إذا كانت هناك قراءات و سماعات و بلاغات عليها.
ب- الإخراج الفني للكتاب: إن إعداد الكتاب للطبع أمر يجب أن لا يترك للناشر وحده، بل يجب على المحقق أن يمتلك الذوق الطباعي في إعداد الكتاب للنشر و يكون ذلك بكتابة النسخة بعد التحقيق و المراجعة بالخط الواضح الذي لا لبس فيه و لا إبهام، أن يكون مستوفي لعلامات الترقيم، أن يكون منظم الفقرات و الحواشي، أن يكون مغتني بالفهارس الفنية، أن يتجنب تعقيدات طباعية و قياسها، توضيح اسم المؤلف و أبيه و كنيته و لقبه و شهرته، و نسبته و سنة وفاته على صفحة العنوان مثل: تصنيف جلال السيوطي أبي الفضل جلال الدين عبد الرحمان ابن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة 911، و من الأفضل أن يسبق اسمه لقبه العلمي مثل الإمام الجاحظ...الخ.
و ينبغي أن يختم الكتاب بمجموعة من الكشافات الهجائية التي تحلل محتواه و تيسر استخدامه كأن يوضع فهرس للأبيات القرآنية، و أخر للأحاديث، و ثالث للأعلام، و رابع للغة، و خامس للشعر، و سادس للأمثال، و سابع للموضوعات و فيه يبرز أدق جزئيات المسائل التي اشتمل عليها الكتاب.
لائحة الصادر و الراجع المعتمدة
- مقاييس اللغة: لابن فارس، تحقيق الأستاذ عبد السلام محمد هارون، ط.عيسى البابي الحلبي، سنة 1311ه.
- لسان العرب: لابن منظور، مادة حقق، طبعة دار المعارف.
- تحقيق النصوص و نشرها، للأستاذ عبد السلام هارون، ط4، الخانجي بالقاهرة.
- تحقيق المخطوطات بين الواقع و النهج الأمثل:د. عبد الله عسيلان، ص41،42 بتصرف، طبعة مكتبة الملك فهد الوطنية، سنة 1415ه.
- تحقيق نصوص التراث في القديم و الحديث: الدكتور صادق عبد الرحمان الفرياني - ليبيا - سنة 1989ه .
- أصول نقد النصوص و نشر الكتب: للمستشرق برجشتراس، تقديم د. محمد البكري.طبعة دار الكتب،1969م.
- منهج تحقيق النصوص و نشرها: تأليف الدكتور فوزي حمودي القيسي و الدكتور سامي مكي العاني، ط. مطبعة المعارف ببغداد سنة 1975م.
zahir mohamed- عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 24/07/2011
غيث :: مقررات :: أدب و فنونه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى